امر الله تعالى في هذه الآية بثلاث، ونهى عن ثلاث.
فأما الثلاثة التي أمر بها فهي: العدل والإحسان
وإيتاء ذي القربي.
واما الثلاثة التي نهى عنها فهي: الفحشاء والمنكر
والبغي.
مقابلة بديعة في الآية، ثلاثة أوامر تقابلها ثلاثة
نواه. العدل يقابله الفحشاء، والإحسان يقابله
المنكر، وإيتاء ذي القربى (صلة الرحم)يقابله البغي.
وقد جمع النبي عليه الصلاة والسلام بين مفسدة "قطيعة الرحم" ومفسدة "البغي" في الحديث : "
ما من ذنب أجدر أن يعجل الله عقوبته في
الدنيا - مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة - من البغي وقطيعة الرحم. فهذا
المستحق لهذه العقوبة في الدنيا والآخرة ترك
أعلى المصالح وهو صلة رحمه، مع فعله أعلى المفاسد وهو البغي والعدوان على الناس، فجاء
بغيه من وجهين: بغي على الأقارب وهم أرحامه، ويغي على الأباعد وهم باقي الخلق، أو
لنقل بصيغة اخرى: بغي على القرابة الرحمية(العالم الصغير)، وبغي على القرابة
الإنسانية(العالم الكبير).
و العدل ، القسط والموازنة ، والعدل والإنصاف، والعدل كما فسره ابن عباس قول: شهادة أن لا إله إلا الله. وهذا تفسير للعدل
بمعناه الشامل؛ لأن من العدل والإنصاف: الإقرار بمن أنعم علينا
بنعمته، والشكر له على إفضاله، وتولي الحمد أهله. وإذا كان ذلك هو العدل ، ولم يكن
للأوثان والأصنام عندنا يد تستحقّ الحمد عليها، كان جهلا بنا حمدها وعبادتها، وهي
لا تنعِم فتشكر ، ولا تنفع فتعبد، فلزمنا أن نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له .
ومن أروع وأورع التفاسير
ما روي عن سفيان بن عيينة أن قال : العدل في هذا الموضع : هو استواء السريرة والعلانية من كل عامل لله عملا
. والإحسان : أن تكون سريرته أحسن من علانيته . والفحشاء والمنكر : أن تكون
علانيته أحسن من سريرته .
تفسير "نفساني" ينظر إلى الآية من ناحية
وجدانية، يعير الأهمية للباطن والجوهر الإنساني، الذي هو مضغة القلب التي بصلاحها ينتج
كل صلاح وبفسادها ينتج كل فساد. وأي منكر أكبر من النفاق ومخالفة الظاهر للباطن،
فإن مبدأ البلاء والشرور كلها وأصلها وفضلها هو النفاق، ولذلك كان المنافقون في
الدرك الأسفل من النار.
والفواحش : المحرمات، والمنكرات : ما ظهر منها من فاعلها، و البغي : العدوان على الناس.
فانت كما ترى أن الآية جمعت أصول المصالح والخيور،
وأصول المفاسد والشرور، قال أول صادح بالقرآن عبد الله بن مسعود:"إن أجمع آية في القرآن في سورة النحل :" إن الله يأمر بالعدل والإحسان
"
.
وقال سعيد عن قتادة : قوله :" إن الله يأمر بالعدل والإحسان "الآية . ليس من خلق حسن كان أهل الجاهلية يعملون به ويستحسنونه إلا أمر الله به ، وليس من خلق سيئ كانوا يتعايرونه بينهم إلا نهى الله عنه وقدم فيه . وإنما نهى عن سفاسف الأخلاق ومذامها .
قلت : ولهذا جاء في الحديث : " إن الله يحب معالي الأخلاق ، ويكره سفسافها " .
وقال سعيد عن قتادة : قوله :" إن الله يأمر بالعدل والإحسان "الآية . ليس من خلق حسن كان أهل الجاهلية يعملون به ويستحسنونه إلا أمر الله به ، وليس من خلق سيئ كانوا يتعايرونه بينهم إلا نهى الله عنه وقدم فيه . وإنما نهى عن سفاسف الأخلاق ومذامها .
قلت : ولهذا جاء في الحديث : " إن الله يحب معالي الأخلاق ، ويكره سفسافها " .
العدل : الإنصاف، والإحسان هو الفضل ، وهو زيادة
على العدل أي العدل وزيادة
الفحشاء: المحرمات. والمنكر هو ما أظهره الإنسان
من المحرمات ، فهو زيادة على الفحشاء أي الفحشاء وزيادة.
إيتاء ذي القربى: أمر بصلة الرحم القريبة. والبغي نهي
عن العدوان على الغير أو امر بصلة الرحم البعيدة مع الخلق الذي نشترك معهم في
الإنسانية والكرامة الآدمية.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق