مفهوم الاستقراء وأنواعه.
مفهوم الاستقراء:
الاستقراء طريقة من طرق الاستدلال غير المباشر، وهو "عملية فكرية وحسية معا"[1]. وقد عرفه الإمام الغزالي بأنه:" "عبارة عن تصفّح أمور جزئيّة لنحكم بحكمها على أمر يشمل تلك الجزئِيات"[2]. وعرفه آخرون بأنه: "تتبع الجزئيات كلها أو بعضها للوصول إلى حكم عام يشملها جميعا. أو هو انتقال الفكر من الحكم على الجزئي إلى الحكم على الكلي الذي يدخل الجزئي تحته"[3].
وهو نوعان: استقراء تام واستقراء ناقص.
فأما التام فهو: إثبات الحكم في جزئي لثبوته في الكلي وهو القياس المنطقي وهو يفيد القطع
وأما الناقص فهو: إثبات الحكم في كلي لثبوته في أكثر جزئياته وهذا هو المشهور بإلحاق الفرد بالأعم والأغلب ويختلف فيه الظن باختلاف الجزئيات فكلما كانت أكثر كان الظن أغلب[4].
والاستقراء أصل من الأصول العظيمة في الاستدلال، وقد اعتمده المالكية كثيرا في استدلالاتهم، سواء في سياق الاحتجاج لصحة الاستدلال على قضية ما، أو في سياق الرد على احتجاجات مخالفيهم.
القيمة الاستدلالية للاستقراء
نفصل الكلام في هذا المطلب انطلاقا من المبادئ التالية:
الاستقراء قسم من أقسام التواتر.
يربط الأبياري الاستقراء بالتواتر، حيث جعله قسما من أقسام التواتر، وبيان ذلك أن الرواة إذا اختلفوا في نقل المرويات، فلا تخلو تلك المرويات من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: ان تشترك في الجهة الخاصة، مع توافر عدد التواتر، واجتماع الشرائط، فهو الخبر المتواتر.
الوجه الثاني: أن لا تشترك بحال في أصل، ولم يحصل في كل قصة عدد التواتر، لم يحصل العلم بشيء منها، لا أصلا ولا تفصيلا.
الوجه الثالث: أن تشترك في الأصل، وتفترق في التفصيل، فإن كان جملة الرواة للأقاصيص، لو اشتركوا في نقل جهة خاصة، لتواترت بنقلهم، وحصلت بقية الشروط، فإذا أخبروا عن التفصيل، حصل العلم بالأصل دون التفصيل، لاشتراك العدد في الأصل. وهذا كشجاعة علي رضي الله عنه، وكرم الطائي، فإن تفصيل القضية تشترك في أصل الشجاعة والكرم، لا جرم علم الكرم، وإن لم يعلم آحاد الوقائع. وليس كذلك تفصيل المفهوم، فإنه لم يحصر الرواة في حد يتواتر النقل بعددهم. وهذا الوجه الثالث هو الاستقراء.[5]
اعتمد الأبياري في تقسيم اختلاف الرواة في المرويات على حيثية الاشتراك في الأصل والتفاصيل أوالافتراق في ذلك.
فإذا اتفقت المرويات في الأصل أي: في العلم بالمخبر عنه، واتفقت أيضا في التفاصيل، أي: في الجهة والعدد فهو الخبر المتواتر.
وإذا اختلفت في الأصل والتفاصيل، فهذا هو الخبر الذي يقع فيه الاختلاف بين العلماء.
وإذا اتفقت في الأصل (العلم بالمعنى)، ولكنها اختلفت في التفاصيل أي: في الجهة والعدد. فهذا هو الاستقراء.
فالذي يهتم به الاستقراء حسب هذا التقسيم ليس التفاصيل، وإنما الأصل وهو إفادة العلم بالمخبر عنه والاتفاق عليه.
الاستدلال بالاستقراء أصل عظيم من أصول الاستدلال.
اعتمد المالكية على دليل الاستقراء في استدلالاتهم، كما في استدلال الباجي على صحة الإجماع من جهة السنة بما روي من الأخبار المتواترة المعنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي تظاهرت على صحة الإجماع ونفي الخطأ عن اهله ووجوب اتباعهم وتعظيم القول والشأن في مفارقتهم[6]. ولإقامة الحجة والدليل على استدلاله بين وجه الاستدلال بهذه الأخبار المتظاهرة والمتظافرة، محتجا بالاستقراء ثم بضرب من الاستدلال، حيث قال:"فوجب قيام الحجة بها لمعنيين:
أحدهما: أن هذه الآثار مع ما ذكرنا من ظهورها وإن اختلفت ألفاظها فإنها متواترة على المعنى، وإننا نعلم بمجموعها ضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال في امته قولا هذا معناه وانه قاصد به إلى تعظيم شأن أمته ونفي الخطأ والضلال عنها ولزوم اتباعها؛ وإن كنا لا نعلم صدق راو في كل واحد منها، وذلك لا يخرجنا عن العلم ضرورة، فإنه قد قال قولا هذا معناه. وبمثل هذا يعلم تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم للجلة من صحابته وقرابته وإن لم نعلم قولا معينا قاله في أحد منهم. وبه علمنا فصاحة سحبان بن وائل وعي باقل وشجاعة علي رضي الله عنه وخطابة زياد وسخاء حاتم.
والثاني: العدول عن دعوى علم الاضطرار بصحة هذه الأخبار والقول بأنها مع كثرتها وظهورها معلومة بضرب من الاستدلال، وهو علمنا بشهرتها وكثرة رواتها من الصحابة والتابعين وتلقيهم لها بالقبول في كل عصر دون إنكار منكر لها إلى حين ظهور النظام؛ فإنه اول من أحدث الخلاف في ذلك، ولو سبقه غيره من المسلمين إلى ذلك لوجب في مستقر العادة ذكره ونقله"[7].
وهكذا استدل الباجي على صحة الإجماع بالأخبار المتواترة واستدل على صحة هذه الأخبار المتواترة بالاستقراء والتواتر المعنوي وتلقي الأمة لها بالقبول والعمل بموجبها[8].
وهذا الإمام المازري يعرض استدلالات علماء الأصول لإثبات العموم، والتي لم تشف غليله ولم تحقق لديه الإقناع اللائق بقطعية أصول الفقه، والدليل الذي يحقق هذه القطعية عند الإمام المازري هو دليل الاستقراء، لأنه رأى أن جميع طرق الاستدلال المقدمة غير قاطعة في تخصيص أحد المذاهب، وإن كان في بعضه إفادة ظنون، ولكن هذا ليس موضع ظن، لذلك رأى التعويل على المنهج الاستقرائي والذي وسمه بقوله" الاستدلال بالشرع"[9].
كما ذكر التلمساني استدلال المالكية على جواز المسح على الخفين بأخبار الآحاد الواردة في الموضوع عن الصحابة قولا وفعلا ، وإذا كان المخالف يرد الاستدلال بخبر الآحاد لمعارضته مقتضى القرآن القاضي بغسل الرجلين في قوله تعالى:"وأرجلكم"، فإن المالكية يردون هذا الاحتجاج استدلالا بالاستقراء، ذلك"أن تلك الأخبار وإن لم يتواتر كل واحد منها بانفراده، فما تضمنه جميعها من جواز المسح على الخفين متواتر، وهذا هو المسمى بالتواتر المعنوي، كشجاعة علي وجود حاتم إذ لم ينقل إلينا عن علي رضي الله عنه او عن حاتم قضية معينة متواترة تقتضي الشجاعة او السخاء.
وإنما نقلت وقائع متعددة كل واحد منها بخبر الواحد لكن تضمن جميعها معنى واحدا مشتركا بينها، وهو الشجاعة او السخاء او التواتر اللفظي فكالقرآن"[10].
ومما لا شك فيه أن الاستقراء أصل عظيم من أصول الاستدلال على العديد من المسائل والأفعال والتكاليف والتصرفات الشرعية لضبط أحكامها، فقد تمكن العلماء المسلمون بفضل اعتماد منهج الاستقراء من استخراج القواعد الفقهية العامة، وعليه اعتمدوا في تحديد دماء الحيض والنفاس والاستحاضة، وفي تحديد مقدار مكث الأجنة في الأرحام، وعليه اعتمدوا في جمع احوال الناس الشخصية وغير الشخصية، ثم اجتهدوا في استخراج الحكم الشرعي لكل عمل منها[11].
ويجدر التنبيه هنا إلى ان الكليات الاستقرائية تشبه الكليات العربية وتختلف عن الكليات العقلية، ذلك ما يبينه الشاطبي في سياق استدلاله على الكليات المقاصدية الثلاث، حيث يرى ان هذه الكليات شرعت لمصالح العباد، وان هذه المصالح لا يقدح فيها تخلفها في آحاد الأفراد والجزئيات، مستدلا على فكرته بالاستقراء الأغلبي أو الأكثري، "فإن الغالب الْأَكثري معتبر في الشريعة اعتبار العام القطعي؛ لأَن المتخلفات الْجزئية لا ينتظم منها كلي يعارض هذا الكلي الثابت"[12].
ويرى الشاطبي أن الكليات الاستقرائية تشبه الكليات العربية لكونهما معا من الوضعيات التي لا يؤثر فيها تخلف آحاد جزئياتها، بخلاف الكليات العقلية التي لا يتصور فيها ذلك، وفي هذا يقول:" هذا شأن الكليات الاستقرائية، واعتبر ذلك بالكليات العربية؛ فإنها أقرب شيء إلى ما نحن فيه، لكون كل واحد من القبيلين أمرا وضعيا لا عقليا، وإنما يتصور أن يكون تخلف بعض الجزئيات قادحا في الكليات العقلية ، كما نقول: ما ثبت للشيء ثبت لمثله عقلا ، فهذا لا يمكن فيه التخلف ألبتة، إذ لو تخلف لم يصح الحكم بالقضية القائلة:" ما ثبت للشيء ثبت لمثله"[13].
الاستقراءات أرواح الأدلة.
نظرا لما يكتسيه المنهج الاستقرائي من قيمة علمية اعتمد عليه الإمام الشاطبي بشكل كبير، حتى إنه يكاد يكون المنهج الاستدلالي الأغلب في كتاب الموافقات، يقول في بيان معنى الاستقراء وأهميته:"إن كان كل أصل شرعي لم يشهد له نص معين وكان ملائما لتصرفات الشرع ومأخوذا معناه من أدلته فهو صحيح يبنى عليه ويرجع إليه، إذ كان ذلك الأصل قد صار بمجموع أدلته مقطوعا به، لأن الأدلة لا يلزم ان تدل على القطع بالحكم بانفرادها دون انضمام غيرها إليها"، واستدل به في إثبات العديد من المسائل، مقتفيا أثر الباجي والمازري كما في استدلاله على أصل الإجماع والقياس، حيث يقول في بيان الدليل المطلوب والمعتبر عنده:" وإنما الأدلة المعتبرة هنا المستقرأة من جملة أدلة ظنية تضافرت على معنى واحد حتى أفادت فيه القطع ; فإن للاجتماع من القوة ما ليس للافتراق ، ولأجله أفاد التواتر القطع ، وهذا نوع منه ، فإذا حصل من استقراء أدلة المسألة مجموع يفيد العلم ؛ فهو الدليل المطلوب ، وهو شبيه بالتواتر المعنوي ، بل هو كالعلم بشجاعة علي-رضي الله عنه- وجود حاتم المستفاد من كثرة الوقائع المنقولة عنهما.
ومن هذا المنهج اعتمد الناس في الدلالة على وجوب مثل هذا على دلالة الإجماع ; لأنه قطعي وقاطع لهذه الشواغب"[14].
اقرأ أيضا |
مفهوم القياس عند أصوليي المالكية |
يعتبر الشاطبي الاستقراء روح الأدلة، فكما أن المقاصد أرواح الأعمال، فكذلك الاستقراءات أرواح الأدلة. يوضح ذلك استدلاله على قصد الشارع إلى المحافظة على القواعد الثلاث الضرورية والحاجية والتحسينية بالاستقراء، يقول الشاطبي:" وإنما الدليل على المسألة ثابت على وجه آخر هو روح المسألة، وذلك أن هذه القواعد الثلاث لا يرتاب في ثبوتها شرعا أحد ممن ينتمي إلى الاجتهاد من أهل الشرع ، وأن اعتبارها مقصود للشارع .
ودليل ذلك استقراء الشريعة ، والنظر في أدلتها الكلية والجزئية ، وما انطوت عليه من هذه الأمور العامة على حد الاستقراء المعنوي الذي لا يثبت بدليل خاص ، بل بأدلة منضاف بعضها إلى بعض مختلفة الأغراض؛ بحيث ينتظم من مجموعها أمر واحد تجتمع عليه تلك الأدلة على حد ما ثبت عند العامة جود حاتم، وشجاعة علي - رضي الله عنه-، وما أشبه ذلك؛ فلم يعتمد الناس في إثبات قصد الشارع في هذه القواعد على دليل مخصوص، ولا على وجه مخصوص، بل حصل لهم ذلك من الظواهر والعمومات، والمطلقات والمقيدات، والجزئيات الخاصة في أعيان مختلفة ووقائع مختلفة في كل باب من أبواب الفقه، وكل نوع من أنواعه حتى ألفوا أدلة الشريعة كلها دائرة على الحفظ على تلك القواعد، هذا مع ما ينضاف إلى ذلك من قرائن أحوال منقولة وغير منقولة "[15].
ومن المهم هنا أن نشير إلى ما ذهب إلبه الباحث مجدي محمد عاشور من القول بتاثر الغزالي بمنهج الاستقراء المعنوي، معتبرا بان "مستصفى" الغزالي أهم مصادر الشاطبي في الموافقات، وقدم لنا الباحث نصا للغزالي يناقش فيه منكري الإجماع مثبتا حجيته بالاستقراء،[16]
كذلك ذهب الأستاذ الباحث الصغير بن عبد السلام الوكيلي إلى تأثر الشاطبي بالقرافي وأخذه عنه التواتر المعنوي، معتبرا أن ذلك "من مبتكرات الشهاب في كتاب الإحكام، وأخذه منه الشاطبي وبلوره بشكل يليق بمدون المقاصد"[17].
والذي تبين لي أن الشاطبي لم يتأثر لا بالغزالي ولا بالقرافي في هذه المسألة، وإن يكن تأثر بهما في مسائل أخر، بل تأثر كما بينا ذلك بالباجي والمازري والأبياري في هذه المسألة وفي غيرها من المسائل، دون أن ننسى طبعا تأثره باين العربي المالكي وشهاب الدين القرافي. إلا أن أهم مصادر الإمام الشاطبي هي: إحكام الفصول للباجي في مسألة وإيضاح المحصول للمازري والتحقيق والبيان للأبياري.
ونسوق هذا النص للإمام المازري يبين تأثر الشاطبي به في الأخذ بالاستقراء ووصفه بالتواتر المعنوي:"وأما طرق الاستدلال بالشرع فان الصحابة قد نقل عنهم في محاجتهم وفتاويهم تمسكهم بعمومات مطلقات يكثر تعدادها وبلغت من الكثرة إلى حيث ما صارت كالمتواترة على المعنى، والمحصول، كجود حاتم الذي لا تعرف قطعا قصة من جودة بعينها، ولكنا نعرف من آحاد القصص المنقولة من جهة الآحاد جوده قطعا.
وكذلك ما نحن فيه من تتبع ما أشرنا إليه استلوح من معانيهم، وفهم من مواصيهم تمسكهم بالظواهر، وحمل الصيغ المذكورة على العموم" [18].
وهذا يبين ان الدليل المفيد للقطع في الأصول عند المازري هو الاستقراء، ولذلك أعلن تمسكه به وتعويله عليه حتى إنه أطلق عليه "الاستدلال بالشرع". وهو شبيه عنده بالتواتر المعنوي. وبهذا يكون الإمام الشاطبي قد أخذ عن المازري مسألة قطعية أصول الفقه وارتباطها بالاستقراء، والاعتماد الكبير عليه في موافقاته.
الاستقراء والقياس
يفرق الأصوليون بين الاستقراء وبين القياس، فهذا الإمام الرازي يقول:"الاستقراء عبارة عن إثبات الحكم في كلي لثبوته في بعض جزئياته، والقياس عبارة عن إثباته في جزئي لأجل ثبوته في جزئي آخر"[1].
جاء في الإبهاج:" يشترط في إلحاق الجزئي بالجزئي الآخر أن يكون بالجامع الذي هو عليه الحكم، وليس الأمر في الاستقراء بل حكم على الكل بمجرد ثبوته في أكثر جزئياته، ولا يمنع عقلا أن يكون بعض الأنواع مخالفا للنوع الآخر في الحكم وإن اندرجا تحت جنس واحد، وإذا كان مفيدا للظن كان العمل به لازما"[2]
جوهر الاستقراء والقياس البحث عن الملاكات والمناطات المتعلقة بالأحكام، وهذا البحث في الاستقراء أعم منه في القياس، ومن المعلوم "أن الأحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد والملاكات التي يقدرها المولى وفق حكمته ورعايته لعباده، وليست جزافا أو تشهيا. وعليه فإذا حرم الشارع شيئا، كالخمر مثلا، ولم ينص على الملاك والمناط في تحريمه، فقد يستنتجه العقل ويحدس به، وفي حالة الحدس به يحدس حينئذ بثبوت الحكم في كل الحالات التي يشملها ذلك الملاك، لان الملاك بمثابة العلة لحكم الشارع وإدراك العلة يستوجب إدراك المعلول.
هذه العناصر المشتركة بين القياس والاستقراء والتي تمثل جوهرهما معا، أما الفرق بينهما فيرجع إلى منهجية حدس العقل بالملاك: هل يعين المناط بجرد الأحكام المتعددة، أم بجرد الحالات والصفات المتعددة؛"وأما كيف يحدس العقل بملاك الحكم ويعينه في صفة محددة، فهذا ما قد يكون عن طريق الاستقراء تارة وعن طريق القياس أخرى".[3]
في الاستقراء يقوم الفقيه بإحصاء وتجميع وجرد الأحكام المتعددة واضعا نصب عينيه الجامع المشترك بينها أو الحالة المشتركة بينها، فهو ينطلق من معيار" الحالة المشتركة" نحو الإحصاء والجرد، "والمراد بالاستقراء أن يلاحظ الفقيه عددا كبيرا من الاحكام يجدها جميعا تشترك في حالة واحدة من قبيل أن يحصي عددا كبيرا من الحالات التي يعذرفيها الجاهل فيجد أن الجهل هو الصفة المشتركة بين كل تلك المعذريات، فيستنتج أن المناط والملاك في المعذرية هو الجهل، فيعمم الحكم إلى سائرحالات الجهل"[4].
أما في القياس فالعقل الأصولي لا يحصي الأحكام ولكنه يقوم بإحصاء الحالات والصفات التي يمكن ان تكون مناطا للحكم؛ فكأن الاستقراء قياس أحكام عديدة على حالة متشابهة ، والقياس استقراء لحالات وصفات متعددة واختيار ما كان منها صالحا للتعليل؛ "والمراد بالقياس أن نحصي الحالات والصفات التي من المحتمل أن تكون مناطا للحكم وبالتأمل والحدس والاستناد إلى ذوق الشريعة يغلب على الظن أن واحدا منها هو المناط، فيعمم الحكم إلى كل حالة يوجد فيها ذلك المناط.
والاستنتاج القائم على أساس الاستقراء ظني غالبا، لان الاستقراء ناقص عادة، ولا يصل عادة إلى درجة اليقين. والقياس ظني دائما لأنه مبني على استنباط حدسي للمناط، وكلما كان الحكم العقلي ظنيا، احتاج التعويل عليه إلى دليل على حجيته، كما هو واضح"[5]
المصادر والمراجع المعتمدة
- - ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة، حبنكة الميداني
- - المستصفى، ابو حامد الغزالي
- - الإبهاج شرح المنهاج، التاج السبكي
- -التحقيق والبيان، أبو إسماعيل الأبياري
- - إحكام الفصول ، أبو الوليد الباجي
- - إيضاح المحصول، الإمام المازري
- - مفتاح الوصول، الشريف التلمسلتي
- - الموافقات، الإمام الشاطبي
- - الثابت والمتغير في فكر أبي إسحاق الشاطبي.
- - الإمام الشهاب القرافي حلقة وصل بين المشرق والمغرب في مذهب مالك في القرن السابع.
- - المحصول في علم الأصول، الإمام الرازي
- - دروس في علم الأصول،
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق